إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 27 يونيو 2012

حوار مجنون


أذكـر ذلك اليوم الذي قابلته فيه ......و كأنني أستطيع نسيانة ..
تميز هو بحضورة القوي ، و تميزت أنا بتمردي و عصياني لكل من يحاول فرض نفسه علي ..
سأتخلى عن كبريائي و أقول ... ان كلامه جذبني و نظراته القوية سحرتني ..
بدأ لقاءنا بتصافح الأيادي و السلام ..... بعدها بدأنا بالتعارف و الكلام ..
قال لي أنه مدير أعمال ... و أن أمور الحياة أشياء لا يعطيها أي اهتمام 
ثم ترك لي الكلام ..... 
أخبرته أنني كاتبه في احدى المجلات و أن الحياة هي شغفي و وحيي من وحي الخيـال 
قال : و لم الخيال بالذات ؟
اخبرته ان هذا هو عالمي الذي تجري احداثه وفقا ً لرغباتي .... ابدأ القصة بلقاء و أنهيها بسعادةٍ  و وئام !!
ففي الخيال لا وجود للحزن و الالآم.... هناك تستطيع جعل سمائك تتلون بصفاء 
من غير غيوم ٍ و عواصف سوداء 
استغرق في التفكير قليلا ً ثم قال : و لكن في النهاية سترجعين إلى الواقع فمن المحال البقاء في الخيال !!
قلت له : يكفيني انني وهبت بعض القلوب السعادة و الآمال .. لغد ٍ جديد ٍ ربما سيأتي بدون أحزان 
هكـذا هي الحياة تعتمد على بعض من الأمل 
تناول القليل من قهوته ....... و قال لي : الحياة هكذا ،، كالقهوة ِ تماما ً ،، فيها مرارة ٌ لاذعة و بالرغم من ذلك نتناولها كل صباح 
اليس غريب ذلك الشي ؟ ..... أقصد  أن نأخذ شيئا ً كرهناه .. و نتماشى معه ليستمر يومنا ... فلولا القهوة لما صفي بال 
حيرني كلامه قليلا ً  و لكن سرعان ما وجدت له تفسيرا ً و جواب 
أخذت نفسا ً عميقا ً ثم قلت : عزيزي ان الحياة تفرض علينا مرارتها لنأخذ تجاربنا .... لألا نتذوق هذه المرارة مرة أخرى ، و بالرغم من كل التجارب الا اننا لا نزال نجهل الحياة و لا نفهمها ..!!
و سرعان ما قاطعني و قال : لدي تجارب و أدلة و براهين تجعلني على فهم عميق بالحياة 
قلت  : كونك ضحية لا يعني أنك تفهم 
قال : و هل يدلك أفضل من الخبير 
ضحكت و قلت له : حينما تسقط بك طائرة فهل هذا يعني انك طيار ؟! 
لم يرضى بالاعتراف بهزيمته أمامي فقال لي : أنتن يا معشر النساء تصعبن دائما ً الحياة .
فقلت له و قد ارتسمت ابتسامه باردة على وجهي : أنت لا تعرف النساء ، أنت جاهل بشؤون الجنس الناعم 
قال : كيف يا سيدتي ؟! 
قلت : المرأة سر الأسرار .. لغز عجز أعظم المفكرين أن يفكوا طلاسمه .. باب موصد يصعب اقتحامه ...
قصة أسطورية لا أحد يعرف بدايتها أو نهايتها 
تنهد و قال : إذا ً أنتي مصرة أن المرأة سر مجهول 
تذوقت القليل من قهوتي  التي قد بردة  بطرف اصبعي و قلت : انه لغز الألغاز !!
ضحك و قال : انه لحوارٌ مجنون 
و رمقني بنظرة أخجلتني لا أعلم محتواها و لكنها كانت كافيه لتجعلني أحمر خجلا ً 
حينها فقط أدركت أنه قد طلع الفجر و لم يتبق َ أحد في المكان سوانا .
هممت بالرحيل و قلت له أنني قد استمتعت حقا ً بالحديث .
فقال لي : بل استمتعتي بمجادلتك لي .. و سأعترف تفوقت علي في بعض الأمور .. القليل فقط 
ابتسمت و قلت له الوداع 
فقال بل إلى اللقاء ، لأن حتى حروف الوداع قادرة على التشكل من جديد لتعطينا أمل بلقاء آخر ...
و الحياة تعتمد على  القليل من الأمل لتسمر  أليس هذا ما قلته لي ؟! 
ضحكت و قلت : بلى  هكذا تستمر الحياة .
صافحته و ذهبت إلى منزلي و القيت بجسدي المنهك على السرير ,, نمت لبضع ساعات ثم استيقظت للذهاب إلى العمل 
و حين دخلت إلى مكتبي ناداني زملائي لنرحب بمالك المجلة الجديد ..
ذهبت معهم و رأيته واقفا ً بجانب المنصة  فذهبت مسرعه لأصافحه و سألته :
ما هذه الصدفة التي جعلتنا نلتقي من جديد و بهذه السرعة ؟!
ضحك و قال : أنا مالكـ المجــلة الجــديــد .
و إلى الآن أنا في صدمة !!!!
                                                 ( تمت )